الْتِهابُ العَظْمِ الصديدي OSTEOMYELITIS

نظرة عامة

التهاب العظم  عبارة عن التهاب يُصيب العظام. قد تنتقل العدوى إلى العظام من خلال الانتقال عبر مجرى الدم أو الانتشار من النسيج القريب. يمكن أن تبدأ العدوى أيضًا في العظم نفسه إذا كانت الإصابة تُعَرِّض العظام للجراثيم.

المدخنون والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة، مثل السكري أو الفشل الكلوي، أكثر عرضة للإصابة بالْتِهابِ العَظْمِ والنِّقْي. قد يُصاب الأشخاص المصابون بمرض السكري بالتهاب أوعية العظام في أقدامهم إذا كانوا مصابين بتقرُّحات القدم.

  • يعاني المرضى من ألمٍ في جزءٍ واحدٍ من العظام ومن الحمى ومن نَقص الوَزن.
  • تُجرى اختباراتُ الدَّم والتصوير، ويقوم الأطباءُ باستئصال عَيِّنَة من العظام لإجراء الاختبارات.
  • ينبغي استعمالُ المضادَّات الحيوية لأسابيع، وقد يكون من الضروري إجراء عملية جراحية لاستئصال العظام المصابة بالعدوى.

تكون الإصابة بالتهاب العظم  أكثر شُيُوعًا عند الأطفال الصغار وكبار السن، إلَّا أنَّ جميعَ الفئات العمرية معرَّضةٌ لخطر هذا الالتهاب. كما تزداد فرصةُ الإصابة بالتهاب العظم والنقي عند الأشخاص الذين يعانون من حالاتٍ طبيةٍ خطيرة.

يتورَّم الجزء الداخلي الرخو من العظم  غالبًا عندما يصاب العظم بالعدوى. يمكن أن تصبحَ الأوعية الدموية في نقي العظام مضغوطة نتيجة ضغط الأنسجة المُتورِّمة على الجدار الخارجي القاسي للعظم، ممَّا يُقلِّل أو يقطع إمدادات الدَّم إلى العظام.

فقد تموت أجزاءٌ من العظم إذا لم تكن إمدادات الدم كافية. تصعب معالجة العدوى في هذه المناطق من العظام الميتة، لأنَّه من الصعب وصول خلايا الجسم الطبيعية المكافِحة للعدوى والمضادَّات الحيوية إليها.

كما يمكن للعدوى أن تنتقل من خارج العظم لتشكيل تجمُّعات من القيح (خراجات) في الأنسجة الرخوة القريبة، مثل العضلات. تُصرَّف الخراجات بشكلٍ تلقائي من خلال الجلد في بعض الأحيان.

أسبابُ التهاب العظم

يَنجم معظم حالات التهاب العظم والنقي عن بكتيريا المكورات العنقودية، وهي أنواع من الجراثيم تُوجد عادة على الجلد أو حتى في أنف الأشخاص الأصحاء.

يمكن أن تصبحَ العظام التي تكون محميَّةً بشكل جيد من العدوى عادةً مصابةً بالعدوى من خلال ثلاثة طرائق:

  • مجرى الدَّم (الذي قد يحمل عدوى من جزء آخر من الجسم إلى العظام)
  • الغزو المباشر (عن طريق الكسور المفتوحة أو الجراحة أو الأدوات التي تخترق العظام)
  • العدوى من البنى القريبة أو المجاورة مثل المَفاصِل الطبيعية أو الاصطناعية أو الأنسجة الليِّنة

قد تُسبِّبُ الإصابة والجسم الغريب (مثل المَفصِل الاصطناعي المصاب بالعدوى) وانخفاض إمدادات الدَّم إلى الأعضاء أو الأنسجة (نقص التروية) التهابَ العظم والنقي.

قد يحدث التهابُ العظم والنقي تحت تقرُّحات الضغط العميقة.

وتنجم معظمُ حالات التهاب العظم والنقي عن الغزو المباشر أو الالتهابات في الأنسجة الرخوة المجاورة (مثل قرحة القدم الناجمة عن ضعف الدورة الدموية أو داء السكَّري).

الانتشار من خلال الدم

يؤدي انتشارُ الكائنات الحية المُسبِّبة لالتهاب العظم والنقي عبر مجرى الدم إلى إصابة أجزاء الجسم التالية بالعدوى عادةً:

  • نهايات عظام الساقين والذراعين عند الأطفال
  • العمود الفقري (الفقرات) عند البالغين، وخصوصًا كبار السنّ

يُطلقُ على إصابات الفقرات بالعدوى تعبير التهاب العظم الفَقَري vertebral osteomyelitis. يكون الأشخاصُ الأكبر سنًّا، أو الضعفاء (مثل الأشخاص الذين يعيشون في دور رعاية المسنّين) أو المصابون بداء الكريَّات المنجليَّة أو الذين يخضعون لجلسات غَسل الكُلى أو الذين يستعملون إبرًا غير معقَّمة لحقن أدويتهم، عرضةً بشكلٍ خاص للإصابة بالتهاب العظم والنقي الفقري.

تُعدُّ الجراثيم العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus أكثر الجراثيم المسؤولة عن التَّسبُّب في التهاب العظم والنقي، الذي ينتشر عن طريق مجرى الدم. يمكن أن تنتشر جرثومة المتفطِّرة السليَّة Mycobacterium tuberculosis (الجرثومة المسبِّبة للسل) والفطريات بنفس الطريقة وتسبب التهاب العظم والنقي، وخصوصًا عند الأشخاص الذين يعانون من ضعفٍ في الجهاز المناعي (كالمصابون بعدوى فيروس العَوَز المَناعي البَشَري، مع بعض السرطانات، أو الذين يخضعون للعلاج بالأدوية التي تثبِّط جهاز المناعة) أو الذين يعيشون في المناطق التي تنتشر فيها بعض حالات العدوى الفطرية.

الغزوُ المباشر

يمكن أن تصيبَ الجراثيم أو بذور الفطريَّات (تسمى الأبواغ spores) العظم بالعدوى مباشرةً عبر الكسور المفتوحة أو في أثناء إجراء العمليَّات الجراحيَّة للعظام أو من التجهيزات الملوَّثة التي تخترق العظام.

قد يحدث التهاب العظم والنقي في مكان الاتصال الجراحي لقطعة من المعدن بالعظم، كما يحدث عندَ إصلاح الورك أو كسرٍ آخر (انظر الشكل: إصلاحُ الورك المكسُور). كما قد تصيب الجراثيم أو أبواغ الفطريَّات العظامَ التي اتّصلت بمفصل اصطناعي (بديل اصطناعي) بالعدوىانظر التهابُ المَفصِل العدوائي في المَفاصِل الاصطناعيَّة). ويمكن أن تنتقلَ الكائنات الحية إلى منطقة العظام المحيطة بالمفصل الاصطناعي في أثناء عملية استبدال المَفصِل، أو قد تحدث العدوى لاحقًا.

الانتشارُ من البُنى القريبة أو المجاورة

قد ينجم التهابُ العظم  عن عدوى في الأنسجة الرخوة القريبة أيضًا. تنتشر العدوى إلى العظام بعد عدة أيام أو أسابيع. ومن المرجح أن يحدث هذا النوعُ من الانتشار بشكل خاص لدى كبار السن.

قد تبدأ هذه العدوى في منطقةٍ تضرَّرت من إصابةٍ أو جراحةٍ أو من المُعالجة الشعاعيَّة أو من السرطان أو من قرحة الجلد (وخاصة قرحة القدم) الناجمة عن ضعف الدورة الدموية أو داء السكَّري. قد تنتشر عدوى الجيوب الأنفية أو اللثَّة أو الأسنان إلى الجمجمة.

عوامل الخطر

عادة ما تَكون عظامك مقاومة للعدوى، لكن هذه المقاومة تَقل كلما تقدمت في العمر. قد تَشمل العوامل الأخرى التي يُمكن أن تَجعل عظامك أكثر عرضة لالتهاب العظم  ما يلي:

الإصابة الحديثة أو جراحة تقويم العظام

يَفسح كسر العظام الحاد أو الجرح القطعي العميق الطريق لدخول البكتيريا إلى عظامك أو الأنسجة القريبة. كما يُمكن أن يَفسح الجرح القطعي العميق، كأن يكون عضة حيوان أو دخول مسمار في الحذاء، الطريق لحدوث العدوى.

كذلك، من الممكن للجراحات المتبعة لإصلاح العظام المكسورة أو استبدال المفاصل المتآكلة أيضًا أن تَفسح الطريق لدخول الجراثيم إلى العظام. وتُعد أجهزة تقويم العظام المزروعة أيضًا من عوامل خطورة التعرض للإصابة بالعدوى.

اضطرابات الدورة الدموية

عندما تتلف أو تنسد الأوعية الدموية، فلا يستطيع الجسم توزيع الخلايا التي تكافح العدوى وتمنع تحولها من بسيطة إلى شديدة. وقد يتحول الجرح الصغير إلى قُرحة عميقة مما قد يُعرض الأنسجة العميقة والعظام للعدوى.

تتضمن الأمراض التي تعطل الدورة الدموية ما يلي:

  • داء السكري غير المسيطر عليه
  • مرض الشريان الطرفي، وغالبًا ينتج عن التدخين
  • مرض الخلايا المنجلية

المشاكل التي تتطلب الخطوط الوريدية أو القسطرة

هناك عددٌ من الحالات التي تتطلب استخدام الأنابيب الطبية لتوصيل العالم الخارجي بالأعضاء الداخلية لديك. ورغم ذلك، يمكن أن تكون هذه الأنابيب بمثابة المعبر للجراثيم للدخول إلى الجسم، الأمر الذي يزيد من خطر إصابتك بالعدوى بشكل عام، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالتهاب العظم .

من بين الأمثلة التي قد يُستخدم فيها هذا النوع من الأنابيب:

  • أنبوب جهاز غسيل الكلى
  • القسطرة البولية
  • الأنابيب الوريدية التي تُستخدم على المدى الطويل، وتُسمى أحيانا الخطوط المركزية

الحالات التي تضعف الجهاز المناعي

إذا كان جهازك المناعي يتأثر بحالة طبية أو دواء، فأنت أكثر عرضة للإصابة بالتهاب العظم والنقي. العوامل التي قد تثبط الجهاز المناعي تشمل ما يلي:

  • علاج السرطان
  • داء السكري غير المسيطر عليه
  • الحاجة إلى تناول الكورتيكوستيرويدات أو الأدوية التي تسمى مثبطات عامل نخر الورم

المخدرات غير المشروعة

الأشخاص الذين يتناولون حقن المخدرات غير المشروعة أكثر عرضه للإصابة بالتهاب العظم والنقي؛ لأنهم قد يستخدمون إبرًا غير معقمة وأقل احتمالًا لتعقيم بشرتهم قبل الحقن.

الأعراض

تتضمن علامات وأعراض التهاب العظام ما يلي:

  • الحُمّى
  • التورم والسخونة والاحمرار في منطقة الالتهاب
  • ألمًا في منطقة الالتهاب
  • الإرهاق ويشعر بالتعب

أحيانًا لا يتسبب التهاب العظام والنقي في ظهور أي علامات أو أعراض، أو يكون من الصعب تمييز العلامات والأعراض عن المشكلات الأخرى. وقد يكون ذلك صحيحًا تحديدًا مع الرُّضَّع والبالغين الأكبر سنًا والأشخاص الذين لديهم نقص في الجهاز المناعي.

متى تزور الطبيب؟

لا بد من زيارة الطبيب عند الإصابة بألمٍ في العظام يزداد سوءًا، ويصاحبه حُمّى. إذا كنت من هؤلاء الأشخاص الذين تزداد عندهم نسبة الخطورة للإصابة بعدوى بسبب حالةٍ مرضيةٍ ما أو جراحةٍ قد أُجريت لهم أو أُصيبوا بإصابةٍ ما، وظهر لديك أي علاماتٍ وأعراضٍ تُوحي بوجود عدوى، فلا بد من زيارة الطبيب على الفور

تشخيصُ

   عن طريق

الفَحص السَّريري

قد تشير الأَعرَاضُ ونتائج الفَحص السَّريري إلى الإصابة بالتهاب العظم  فمثلًا، قد يشتبه الأطباء في التهاب العظم والنقي عند شخصٍ يُعاني من ألمٍ مستمرٍّ في جزء من العظم مع أو من دون حمَّى، مع الشعور بالتعب معظم الوقت.

  • الاختبارات الدموية

يوصي الأطباءُ عند الاشتباه بالتهاب العظم  بإجراء اختبارٍ دمويٍّ للالتهاب من خلال قياس  مما يلي

  • اختبار سرعة تثفُّل الكريَّات الحمرESR
  • ·          (اختبار يقيس السرعة التي تترسَّب فيها خلايا الدَّم الحمراء في الجزء السفلي من أنبوب الاختبار المحتوي على الدم)
  • مستوى البروتين التفاعلي سي
  • ·          C-reactive protein وهو البروتين الذي ينتشر في الدَّم ويزداد مستواه بشكل كبير عند وجود التهاب
  • خلايا الدَّم البيضاءWBC

يُشخَّص وجودُ التهاب عادةً عند وجود زيادة في مستويات سرعة تثفُّل الكريَّات الحمر والبروتين التفاعلي سي. كما تشير فحوصاتُ الدَّم إلى زيادة مستويات خلايا الدَّم البيضاء غالبًا؛ إلَّا أنَّ اختبارات الدَّم هذه ليست كافية لتشخيص التهاب العظم والنقي، فالنتائج الطبيعية للاختبارات والتي تدلُّ على وجود التهاب بسيط أو عدم وجوده تجعل الإصابة بالتهاب العظم  أقلُّ احتمالًا.

صورةُ الأشعَّة السِّينية

 وجود تغييرات مميزة نتيجة الإصابة بالتهاب العظم  ولكنَّها لا تظهر إلَّا بعد 2-4 أسابيع من ظهور الأَعرَاض الأولى في بعض الأحيان.

التصوير المقطعي المحوسب   أو التصوير بالرنين المغناطيسي 

يمكن اللجوءُ إلى التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي إذا كانت نتائج التصوير بالأشعَّة السِّينية غير واضحة، أو إذا كانت الأَعرَاض شديدة. يُتيحُ التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي تحديد المناطق أو المَفاصِل المصابة بالعدوى ويكشف عن حالات العدوى القريبة مثل الخرَّاجات

ويمكن إجراء مسحٍ للعظام

بدلًا من طرق التصوير السابقة (يُصوَّرُ العظم بعد حقن مادة تسمى التكنيتيوم المشع). تظهر المنطقة المصابة بالعدوى بشكلٍ غير طبيعي عند مسح العظام دائمًا،

قد يأخذ الأطباء عيناتٍ من الدم أو القيح أو سائل المَفصِل أو من العظام نفسها لاختبارها وذلك لتشخيص عدوى العظام وتحديد الكائنات الحية المُسبِّبة لذلك. لتشخيص التهاب العظم والنقي الفقري، تُستأصلُ عادةً عيناتٍ من أنسجة العظام بواسطة إبرةٍ أو أثناء الجراحة

معالجةُ التهاب العظم

  • ·         .1المضادَّات الحيوية أو الأدوية المُضادَّة للفطريات
  • ·         .2الجراحة في بعض الأحيان
  • ·         .3تُعالَج الخُراجات بتصريف محتواها عادةً

ويُعدُّ استعمال المضادَّات الحيويَّة العلاجَ الأشدَّ فعاليَّة للأطفال والبالغين الذين أُصيبوا حديثًا بعدوى في العظام من خلال مجرى الدم. تُستعمل المضادَّات الحيويَّة الفعَّالة ضد جراثيم العنقوديَّة الذهبيَّة Staphylococcus aureus وعددٍ من أنواع الجراثيم (المضادَّات الحيوية واسعة الطيف) عند تعذُّر معرفة الجرثوم المُسبِّب للعدوى. يمكن إعطاء المضادَّات الحيوية عن طريق الوريد (وريديًّا) لمدة 4-8 أسابيع وفقًا لشدَّة العدوى؛ ثمَّ يمكن الاستمرار في استعمال المضادَّات الحيوية عن طريق الفم لفترة أطول من الزمن وفقًا لمدى استجابة الشخص للعلاج. يحتاج بعضُ الأشخاص الذين يعانون من التهاب العظم والنقي المزمن إلى استعمال المضادَّات الحيوية لأشهر.

ومن الضروري استعمال الأدوية المُضادَّة للفطريات عدةً أشهر عند تشخيص الإصابة بالعدوى الفطرية أو الاشتباه بها. ليس من الضروري اللجوء إلى العلاج الجراحي عادةً إذا اكتُشفَت العدوى في مرحلةٍ مبكِّّرة.

يُعالَجُ البالغون المصابون بالتهاب العظم  الجرثومي الفقري باستعمال المضادَّات الحيوية لمدة 4-8 أسابيع كالمعتاد. ومن الضروري حصول الشخص على الراحة في الفراش في بعض الأحيان، وقد يحتاج الشخصُ إلى استعمال دعامة أو سِناد. قد يكون من الضروري إجراء عمليَّة جراحية لتصريف محتوى الخراجات أو لتثبيت الفقرات المتضررة (لمنع فقرات من الانهيار ومن ثَمَّ الإضرار بالأعصاب القريبة أو الحبل الشوكي أو الأوعية الدموية).

يزداد العلاج تعقيدًا عندما ينجم التهاب العظم والنقي عن عدوى من الأنسجة الرخوة القريبة. تُستأصل جميع الأنسجة الميتة والعظام جراحيًّا عادةً، ويُملأ الحيِّز الناتج بجلدٍ سليمٍ أو بأنسجةٍ أخرى. ثمَّ تُعالج العدوى باستعمال المضادات الحيويَّّة. قد يكون من الضروري استعمال مضادَّات حيوية واسعة الطيف لأكثر من 3 أسابيع بعد الجراحة.

ويجب تصريفُ محتوى الخراج جراحيًّا إذا كان موجودًا. كما قد يكون من الضروري إجراء جراحةٍ للأشخاص الذين يعانون من الحُمَّى المستمرة ونَقص الوَزن

× التواصل المباشر عبر الواتساب